_ تغيّرت ملامح سيلانو وبدا عليه التوتر لكنه حاول أن يتمالك نفسه وأن يُخفي ما طرأ عليه من إحراج .
ثم علّق قائلاّ :
- إن السنوات قادرة على تغيير الناس والتقدم في السِّن يجعل المرء لا يشبه نفسه عمَّا كان عليه في السابق ثم أضاف معتذراً عن اسلوب زوجته فى التعامل مع ضيفها وقال أنها غير معتادة على وجود الغرباء فى المنزل فلا يأتي إلّا أقرب الناس وهم على الاغلب أفراد عائلتها كما أن ابنائه غير اجتماعيين .
لم يُرد كارنييه ان يضايقه ، فقال :
- نعم لاحظت ذلك ، لكن لا عليك أنا أُقدِّر طريقتهم هذه لأنّهم لا يعرفونني ولم يروني من قبل ... توقف عن الكلام فجأة ! وذلك عندما لمح شيئ ما جذب انتباهه !!
ثم التفت كارنييه إلى سيلانو وقال :
- لا شىء اظن انى رأيت قطتكم هل هي معتادة على التجول فى المزرعة طوال النهار أم ماذا ؟ ف بالأمس لم أرَها إلا وقت النوم ؟؟
تلعثم سيلانو في بداية كلامه ... ثم قال :
- دعك من امر هذه القطة يا صديقي فهي ليست لنا نحن ولم نُدخل إلى بيتنا قطط منذ سنوات و على الأرجح هي قطة من قطط الشوارع .
فردّ عليه كارنييه والأمور تتشابك في مخيلته :
- كيف هذا لقد نامت في بيتكم بالأمس وبدا لي أنّها مُعتادة على المكان ؟
فجاوبه سيلانو ببرود :
- ربَّما أنت محق في كونها مُعتادة على المكان فغرفة الضيوف هذه لا يدخُلها أحد تقريباً ولذلك تأتي كل يوم من الشارع لتنام بها .
ردّ عليه كارنييه باستغراب :
- لا أظن أنها قطة شوارع فهي نظيفة جداً كما أن هناك طوق حولٙ عُنقها .
فقال له سيلانو :
- لا تُشغل بالك بها كثيراً .
وعلامات الغرابة تملئ وجه كارنييه قائلاً :
- حسناً انت محق .
انقضت ساعات قبل أن تنتهي جولة الصديقين في المزرعة الكبيرة وحين عودتهما كان الوقت قدّ تأخر ... و عند وصولهما طلب سيلانو من زوجته تحضير وجبة عشاء خفيفة له ولصديقه ، وبعد تناولها ذهب كارنييه إلى غرفته لينام ، وفي غرفة الضيوف التي ينام بها وقف ينظر من النافذة إلى الحقول المظلمة التى تحيط ببيت سيلانو ... عندها رأى القطة تقف أمام النافذة مباشرةً ..!
فقال محدثاً نفسه :
- إن الطابق الأرضي هذا مخيف جداً لا عجب أن ضيوفهم يشعرون بالخوف عند المبيت فى هذه الغرفة ، أما أنتِ أيَّتها القطة فلن تدخلي اليوم إلى الغرفة كاللّيلة السابقة .
إبتسم للقطة ثم تراجع قليلاً وأغلق النافذة ولم يأوى إلى فراشه إلا بعدما تأكد من أن الباب مُغلق أيضاً ، وبعد دقائق قليلة ولم يكن قد استغرق في نومه بعد استيقظ بسبب حركة خفيفة شعر بها ، فتح عيونه اللتان تأكُلهما النعاس ليجد القطة واقفة بجانب رأسه .
انتفض كارنييه من الفراش والذهول يجحظ من عينيه قائلاً :
- يا إلهي لا أُصدق كيف دخلت هذه القطة إلى هنا ، هذا مستحيل ، هيا غادري من هنا ..!
بدلاً من أن تتراجع القطة استمرت في الاقتراب منه ومع كل خطوة تخطوها فوق الغطاء كانت قدمها تترك آثار زرقاء ... (يتبع)
قصص مرعبة
Facebook/ro3bSt


